القضايا الجنائية من أهم أنواع القضايا التي يمكن أن تُطرَح أمام المحاكم السعودية، والسبب في ذلك؛ يرجع إلى أن هذه القضايا تمس حريات الأفراد إذا كانت العقوبة المُقررة هي السجن أو التعزير أو إنزال الحد، كما أنها تمس أموالهم إذا كانت العقوبة المقررة هي الغرامة.
ومن هنا يأتي التساؤل: ما هي القضايا الجنائية أصلًا؟ وما أنواعها، وعقوباتها، وأي نوع من هذه القضايا هو الأصعب؟ سنُجيب في هذا المقال عن كافة تلك التساؤلات.
أولًا: ما هي القضايا الجنائية
القضايا الجنائية هي التي يكون فيها المتهم مرتكبًا لجريمة من الجرائم المحددة في النظام أو الشريعة، فتقوم النيابة العامة بإحالة القضية إلى المحكمة الجزائية، وتوجه إلى المتهم الاتهامات في القضية، وتطلب إنزال العقوبة عليه، وهي تلك القضية الجنائية، علمًا بأنه نادرًا ما يُستخدم لفظ “الجنائي” بالمملكة، واللفظ المستخدم هو “الجزائي”، حتى أن المحكمة المختصة بنظر القضايا الجنائية تُسمى “المحكمة الجزائية”.
وتجدر الإشارة إلى أن الإجراءات المتبعة عند المحاكمة في القضايا الجنائية مُحددة بالكامل في “نظام الإجراءات الجزائية”، فهذا النظام يُحدد كافة الخطوات المتبعة من بداية القبض على المتهم، وتفتيشه، والتحقيق معه، واستجوابه، والإفراج المؤقت عنه، أو التوقيف، إلى أن يتم إحالته للمحكمة، كما يُحدد النظام الإجراءات التي تتبعها المحكمة أثناء نظر القضية الجنائية مثل التعامل مع اعتراف المتهم، ومناقشة شهادة الشهود، والتأكد من صحة الاتهامات الموجهة، وغيرها من الإجراءات.
ثانيًا: أنواع القضايا الجنائية
إن المتعارف عليه في القضايا الجنائية عمومًا أنها تُقسَم إلى ثلاثة أنواع، وهم: (الجناية، الجنحة، المخالفة)، ولكن هذا التقسيم غير متبع في النظام السعودي؛ إذ لا يوجد نوع من القضايا يُطلق عليه جناية أو جنحة أو مخالفة.
بل إن القضاء السعودي باعتباره قائمًا على الشريعة الإسلامية يُحدد نوع القضية الجنائية على حسب العقوبة المُقررة، وهم ثلاثة أنواع:
- عقوبة حدية: وهي التي تكون فيه العقوبة مُقررة بموجب أحكام الشرعية لحماية حق من حقوق الله عز وجل، مثل: (حد المُسكِر، وحد الزنا، وحد القذف، وغيرها من الحدود).
- عقوبة نظامية: والنظام هو القانون وبالتالي إذا كان النظام ينص على جرائم معينة ويُحدد العقوبة المُقررة لها، فحينها تكون العقوبة نظامية؛ لكونها مُقررة بموجب النص النظامي.
- عقوبة تعزيرية: وهنا لا يوجد نص نظامي يُحدد العقوبة، وإنما يرجع تقدير العقوبة إلى القاضي، بشرط أن يكون الفعل نفسه محرمًا بموجب أحكام الشريعة الإسلامية، ومثال ذلك: الاعتداء بالضرب، أو الشتم، أو مضايقة الجار لجاره، وغيرها من الأفعال التي لم يصدر بها نظام يُجرمها ويُحدد العقوبة فيها.
وبناءً على ما سبق؛ يمكن القول بأن القضايا الجنائية على ثلاثة أنواع، قضايا جنائية عقوبتها حدية، وأخرى عقوبتها نظامية، وثالثة عقوبتها تعزيرية.
ثالثًا: عقوبة القضايا الجنائية
تختلف العقوبة المُقررة للقضايا الجنائية باختلاف نوع الجريمة نفسها، ويمكننا حصرهم في الآتي:
1- العقوبة الحدية: في هذا النوع من القضايا الجنائية إذا ثبت أن المتهم ارتكب الفعل المُحدد حسب الشريعة، والمُقرر له إنزال حد من حدود الله عز وجل، فإنه يُطبق عليه، ومن أبرز هذه العقوبات الحدية ما يلي:
- حد المُسكِر: مُقرر بـ(80) جلدة، ويتم تطبيقه إذا ثبت ارتكاب المتهم لجريمة تعاطي الحشيش أو شُرب مادة مُسكرة.
- حد الزنا: مُقرر بـ(100) جلدة، ويتم تطبيقه إذا ثبت ارتكاب المتهمين [رجل وانثى] فاحشة وهما غير متزوجين.
- حد القذف: مُقرر بـ(80) جلدة، ويتم تطبيقه إذا ثبت ارتكاب المتهم قذف محصنات دون دليل شرعي.
- حد الحرابة: هو القتل، ويثبُت إذا ثبتت السرقة بضوابط شرعية معينة.
2- العقوبة التعزيرية: وكما ذكرنا آنفًا أن هذا النوع من القضايا لا يكون مُحددًا فيه عقوبة مسبقًا، وإنما يكون محددًا فيه تحريم الفعل المنسوب للمتهم، ويُترَك تحديد العقوبة للقاضي، وتخضع العقوبة هنا لسلطته التقديرية في حدود المعقول، لذلك؛ يتعذر بيان مقدار العقوبة التي يمكن أن تُقرر لأي قضية متضمنة عقوبة تعزيرية، ويكون بالتقريب على حسب المتبع أمام القضاة، فعلى سبيل المثال في قضايا الضرب، غالبًا تتراوح العقوبة ما بين السجن يوم واحد وتصل إلى سنتين حسب جسامة الإصابات والاعتداء.
3- العقوبة النظامية: وهذا النوع من القضايا الجنائية يسهُل تحديد العقوبة فيه؛ لكونها محددة بالتفصيل في مواد الأنظمة المُقررة في هذا الشأن، وفيما يلي نُبين أبرز أنواع العقوبات لهذا النوع من القضايا:
- حيازة المخدرات بقصد التعاطي: عقوبتها السجن لمدة تبدأ من (6) أشهر وتصل إلى (سنتين) كحد أقصى، ويرجع تقدير المدة للقاضي ناظر الدعوى، ويُمكنكم الاطلاع على كافة التفاصيل المتعلقة بهذا النوع من القضايا في المقال التالي عقوبة حيازة المخدرات بقصد التعاطي في السعودية.
- غسل الأموال: عقوباتها لا تقل عن (سنتين) كحد أدنى، ولا تتجاوز الـ(10) سنوات كحد أقصى، وكذلك الغرامة التي لا تزيد على خمسة ملايين ريال، ويمكن الجمع بين العقوبتين حسب تقدير القاضي.
- الجرائم المعلوماتية: من الجرائم التي لها أنواع مختلفة، ولكل نوع منها عقوبة محددة، ويصعب تناولها جميعها في مقالنا الحالي، وعلى العموم هي كلها محددة بنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
- التزوير في المحررات الرسمية أو العرفية: تصل العقوبة فيها إلى السجن مدة (خمسة) سنوات.
رابعًا: أصعب القضايا الجنائية
من أصعب القضايا الجنائية التي يمكن العمل عليها أمام المحكمة هي القضايا التي تكون من اختصاص دوائر الفساد بالمحكمة الجزائية، مثل قضايا المساس بالنظام العام.
مراجع:
1- موقع هيئة الخبراء بمجلس الوزراء متضمن جميع الأنظمة.