قد تعتقد عند قراءة عنوان المقال أننا نتحدث عن أثر فيروس كورونا في العلاقات العاطفية، وزيادة معدل الانفصال بسبب هذه الأزمة، لكن الحقيقة أننا نتحدث عن مرض عضوي يعرف ب “متلازمة القلب المفطور”.
أثبتت الدراسات -التي قامت بها عيادة كليفلاند The Cleveland Clinic- زيادة معدلات الإصابة بمتلازمة القلب المفطور خلال جائحة الكورونا.
لكن ما هي متلازمة القلب المفطور؟
وما العلاقة بين فيروس كورونا وبين هذه المتلازمة؟
في هذا المقال سنجيب سويًا عن هذه الأسئلة، ونتعرف بشكل أكبر على متلازمة القلب المفطور.
متلازمة القلب المفطور Broken Heart Syndrome
تُعرف أيضًا ب “اعتلال عضلة القلب الناتج عن الإجهاد Stress Cardiomyopathy”، وهي وجود خلل في عضلة القلب، ينتج عنه عدم القدرة على ضخ الدم بشكل طبيعي.
هي حالة شديدة الخطورة، لكن -بالعلاج المناسب والتدخل السريع- يمكن السيطرة عليها، وعكس الأضرار الناتجة عنها خلال فترة زمنية قصيرة؛ تتراوح بين أيام أو أسابيع.
تحدث هذه المتلازمة نتيجة تعرض الشخص إلى ضغوطات نفسية أو جسدية، ولك أن تتخيل ما سببه اجتياح فيروس الكورونا العالم من ضغط نفسي شديد، فالأمر لم يقتصر على خوفك من إصابتك أنت أو أحد أفراد أسرتك بالفيروس، بل تعدى إلى عزلتك وبعدك عن الحياة الاجتماعية، ووجود مخاوف اقتصادية، وتوتر في علاقاتك.
أعراض هذه المتلازمة
تشبه أعراض هذا الاعتلال أعراض النوبة القلبية Heart Attack، وهو ما يدفع المرضى إلى التوجه إلى الطوارئ، من هذه الأعراض:
- ضيق في التنفس
- ألم في الصدر
- عدم انتظام ضربات القلب
- الإغماء
مع تشابه الأعراض بين المرضين، إلا أن السبب في حدوثهما مختلف، ويظهر ذلك في التغيرات الطارئة على القلب والأوعية الدموية التي تغذيه (سنتحدث عنه لاحقًا في كيفية التشخيص).
من الأكثر عرضة للإصابة؟
يغلب حدوث متلازمة القلب المفطور عند:
- النساء
- كبار السن
لكن لا تتردد في التوجه إلى الطوارئ في حالة معاناتك أي هذه الأعراض، بغض النظر عن جنسك أو عمرك.
أسباب متلازمة القلب المفطور
يُعتقد أن السبب وراء هذه المتلازمة تأثير هرمونات التوتر (منها الأدرينالين Adrenaline) على خلايا القلب، هذه الهرمونات التي تُفرز بكميات مرتفعة كرد فعل من الجسم للإجهاد والضغوطات.
كذلك لم يُثبت وجود صلة بين الإصابة بفيروس كورونا وهذه المتلازمة؛ حيث كانت نتائج فحص الفيروس لدى جميع المرضى -الذين تم تشخيصهم بمتلازمة القلب المفطور في الدراسة – سلبية، بالإضافة لعدم شكواهم من أي أعراض محتملة للإصابة بهذا الفيروس، مما رجّّح أن يكون التوتر والضغط النفسي الذي سببته الجائحة سببًا في زيادة معدلات الإصابة بالمتلازمة.
الضغوطات العاطفية والنفسية والجسدية التي تسبق ظهور أعراض متلازمة القلب المفطور قد تكون لأسباب مفرحة أو حزينة، من هذه الأسباب:
- التشخيص بمرض شديد الْخَطَر
- فقدان شخص عزيز
- الطلاق
- خسارة أو كسب أموال كثيرة
- فقدان الوظيفة أو التعرض لضائقة مالية
- الإجهاد البدني: نتيجة الخضوع لجراحة أو معاناة سكتة دماغية
لا يخفى عليك ما سببه انتشار فيروس كورونا من ضغوطات شديدة على الشخص، قد تفوق قدرة قلبه على التحمل وقد تسبب انفطاره.
كيفية التشخيص
يعتمد التشخيص على تاريخ المريض (من حيث معاناته مرض بالقلب، تعرضه إلى نوبات قلبية سابقًا، وتعرضه لضغوطات مؤخرًا، و ما يتناوله من أدوية)، إلى جانب نتائج الفحوصات التالية:
- اختبار أنزيمات القلب في الدم
- تخطيط كهربية القلب Electrocardiogram (ECG): يوضح وجود خلل ما في ضربات القلب أو بنيته.
- تخطيط صدى القلب Echocardiogram: يوضح حجم القلب وإذا كان هناك تضخم فيه
- تصوير الشرايين التاجية Coronary Angiogram: لفحص الأوعية الدموية، واكتشاف أي ضيق أو انسداد بها.
عادة لا يصاحب متلازمة القلب المفطور ضيق أو انسداد في شرايين القلب والشريان التاجي المميز للنوبة القلبية، لكن يميزه تضخم في القلب (عند البطين الأيسر) والذي يظهر في صدى القلب.
ما العلاج؟
يبدأ التعامل مع المريض على أنه مصاب بنوبة قلبية حتى يثبت غير ذلك، ويحتاج المريض -عادة- إلى البقاء في المشفى حتى تتحسن حالته، في حالة تشخيص متلازمة القلب المفطور؛ يستخدم الطبيب أدوية تقلل من الحمل على القلب، ويمكن -أيضًا- أن يصف بعض الأدوية التي تقلل التوتر.
في الغالب سيطلب الطبيب متابعة حالتك لاحقًا وإعادة الفحوصات ؛ للاطمئنان على تعافيك وعدم وجود خطر يهددك.
كيف تحمي قلبك من تأثير جائحة الكورونا؟
في وقت الأزمات مثل أزمة فيروس الكورونا، يصبح الاهتمام بصحتك النفسية والجسدية ضروريًا؛ حتى تتمكن من الثَّبات في وجه الضغوطات النفسية والعاطفية، وحتى تحمي عقلك وجسدك من الأثر السلبي لها.
يمكنك القيام بالخطوات التالية لتحقيق ذلك:
- اتبع الاحتياطات الوقائية، سيمدّك ذلك بالأمان ويقلل من قلقك وتوترك.
- ابق على اتصال بمن يهمك: بمكالمات هاتفية أو فيديو
- احتوِ توترك بممارسة تقنيات تساعدك في التحكم في مشاعرك وأفكارك مثل التأمل واليقظة الذهنية
- تناول طعام صحي ومتوازن
- مارس الرياضة بانتظام
- احصل على نوم كافٍ
- عبر عن مشاعرك ومخاوفك، إما بتدوينها أو بالحديث مع شخص تثق به
- مارس أنشطة وهوايات تشغل تفكيرك
- استشر متخصص في الصحة النفسية، إذا شعرت أن الضغوطات أكبر منك ولا يمكنك التعامل معها بمفردك
اقرأ: الطريقة الصحية للتعامل مع الأزمات والمخاوف وبواعث القلق
يمكنك أيضًا مساعدة من حولك في احتواء قلقهم وتوترهم بأن:
- تكون مستمعًا جيدًا لهم
- تتعاطف مع مشاعرهم وتحترمها، دون أحكام عليها أو الاستهانة بها
- تساعدهم في تطبيق خطوات التعامل مع الضغوطات (السابق ذكرها)
- تدعمهم وتشجعهم على طلب المساعدة من متخصص إذا استلزم الأمر
قد تتعدى خطورة جائحة الكورونا إصابتك بالعدوى، وقد تصل إلى الإضرار البالغ بصحتك النفسية والجسدية، والتأثير في سلامة قلبك؛ لذلك صار احتفاظك بهدوئك وتحكمك في مشاعرك أمام الضغوطات ضروريًا، حتى تحمي نفسك، وتتمكن من مواجهة الأزمات والتعامل معها بالطريقة الصحيحة.