عادت التهديدات بغلق النفط الليبي تدخل ساحة المزايدات السياسية، بعد تهديد سكان في منطقة الهلال النفطي (شمال وسط)، في 11 مارس، بإغلاق موانئ التصدير، في حال استمرار حكومة الوحدة الوطنية، وعدم تسلم الحكومة الموازية للسلطة.
وتمثل صادرات النفط من موانئ الهلال النفطي الأربعة (السدرة، راس لانوف، البريقة، الزويتينة) أكثر من 60 بالمئة من إجمالي صادرات البلاد.
لكن الأخطر من ذلك إعلان مؤسسة النفط الليبية، في 6 مارس، فقدان نحو 330 ألف برميل يوميًا، نظرًا لإغلاق حقلي الشرارة والفيل، الواقعين في أقصى الجنوب الغربي. إلا أن هذا الإغلاق تم على مستوى صمامات ضخ النفط الخام بمنطقة الرياينة، في محافظة الزنتان، حيث ينقل النفط الخام من حقلي الشرارة والفيل، مرورا بالجبل الغربي (الزنتان) ليعاد ضخه إلى ميناء الزاوية (50 كلم غرب طرابلس) ومنه يصدر إلى الخارج.
رئيس مجلس إدارة مؤسسة النفط، مصطفى صنع الله، اتهم “مجموعة من العصابات المشبوهة بزعامة المدعو محمد البشير القرج، أقدمت على إغلاق صمامات ضخ الخام”.
وأثار غلق صمامات نفط حقلي الشرارة والفيل، إلى استياء أمريكي وأممي، خاصة وأن الحقلين ينتجان نحو 30 بالمئة من الإنتاج النفطي الإجمالي للبلاد، وجاء في ذروة ارتفاع أسعار النفط، وأزمة دولية ساخنة في أوكرانيا.
حيث دعا المبعوث الأمريكي إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند إلى “إنهاء الحصار النفطي”. بينما أعربت المستشارة الأممية الأمريكية ستيفاني وليامز عن قلقها واستيائها من إغلاق حقول نفطية، وقالت إن “تعطيل إنتاج النفط يحرم جميع الليبيين من مصدرهم الأساسي للدخل”. فيما أمر رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، غرفة العمليات الأمنية المشتركة باتخاذ إجراءات عاجلة لفتح صمامات أنبوب نقل النفط.
التهديدات بغلق النفط الليبي تثير قلق الولايات المتحدة التي تضغط على الدول المنتجة بزيادة صادراتها لتغطية حظرها للواردات الروسية. الأمر الذي يراه المراقبون خطرًا على الوضع في ليبيا، لأن الإدارة الأمريكية التي تعترف بحكومة الدبيبة الغير شرعية، قد تدفع به للخوض في حرب على مناطق شرقي ليبيا للسيطرة على هذه المنشآت النفطية الثمينة.
ولكن المشكلة تكمن في أن المشير خليفة حفتر، ومنذ نهاية العام الماضي، بدأ يفقد الدعم من حليفه الأساسي المتمثل بالشركة العسكرية الخاصة “فاغنر”، التي شرعت بالانسحاب من مواقعها مؤخرًا تاركة الجيش الليبي لوحده في مواجهة جماعات الغرب الليبي المسلحة المدعومين من قبل تركيا وعبد الحميد الدبيبة.
ومحاولة جر البلاد للحرب، لتقاسم مناطق النفوذ هذه والدخول في صراع ينتزع فيه كل طرف من الآخر موقعًا نفطيًا جديدًا، خصوصًا وأنه قد ثبت بأن لا أحد يستطيع التأثير على هذه القضية في الواقع، سوى القوات المسلحة التي تسيطر على هذه الموانئ وتؤمنها. تُشير إلى ضرورة استعادة قوات فاغنر التي كانت أحد الأعمدة الأساسية التي ارتكز عليها الجيش الوطني الليبي، وكانت الضامن الوحيد لتوازن القوى بين المعسكرين المتحاربين في البلاد، والضامن الوحيد لعدم وقوع الثروات النفطية بأيدي الميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون والتي تخدم مصالح مشغليها وأجنداته. وفي ظل هذه المعمعة السياسية، والتلويح بالخيار العسكري من قبل الساسة، فإن المؤشرات جميعها تدل على أن ليبيا تنجر إلى فوضى خلاقة، وبذلك ربما من الأجدر بالمشير وغيره من الساسة، توقيع عقود مع فاغنر، لضمان ثروة ومقدرات الليبيين من الضياع.