وجود مفردات عربية فصيحة فى لغة السودانيين لا توجد عند غيرهم ممن يتحدثون العربية.. مثل كلمة زول.. التي هي من أكبر الدلائل على أصالة اللغة العربية فى السودان.. وآية عروبتها وجودها فى بعض شعر العرب الفصيح منه والشعبي/ العامي. ودائما نسمع أغاني فيها الزول الخفيف الظريف. وعلى العموم فهي – أي المفردة – ناعمة ولينة وملساء. أي أكثر رقة وقبولا من بعض مفردات نسمع أهل الجزيرة العربية والخليج يستعملونها.
أغلب أدب المحادثة في المنطقة الوسطى من بلادنا يفتقر إلى شيء من الرومانسية. أو أنه يغلب عليه الطابع الخشن أو القاسي بعض الشيء. وقد يكون للوعورة والحياة الشاقة في السابق دور في ذلك؛ حيث كان مجمل سكان الجزيرة العربية يقضون جل وقتهم بحثاً عن الأفياء أو الماء أو العشب، فمن أين تأتي الرومانسية..!!
عندما تصطدم بشخص، عن قصد أو غير قصد، في الغرب، فغالباً سيكون رد الطرف الآخر، إذا لم يسامحك، عبارة مثل “ألا ترى” أو بالإنجليزية ? can`t you see وأعتقد ان العبارة أسمح كثيراً من كلمة “عمى” التي نستعملها عادة، وتكاد تدخل أدب المحادثة في ربوعنا.
والجيل الجديد عندنا، بدأ – شكراً لظروف الإطلالة على العالم – يستعمل عبارة “ما تشوف؟” وهي الترجمة الحرفية للعبارة الإنجليزية التي جاءت أعلاه.
نسمع كلمة “وش بلاك” وقبلناها لفترة طويلة من الزمن، على أنها تعني “ماذا بك”. أو لماذا. وربما أنها جاءت من الفصحى “ماذا دهاك”.
وقصتنا مع الداهية والدواهي في الفصحى طويلة ومتشعبة. وقد لا يصدق القارئ ان للداهية مئات المرادفات، منها المأنوسة ومنها المماتة كما جاء في أحد المعاجم. وقد أدرج المعجم 138مرادفاً، منها:
أزمة، الخرساء، أم الهيثم، أم صبار، أم قشعم، الجائحة، الجلّى – بتشديد اللام، الدامكة، الدُّوَلة – بضم الدال وفتح الواو، الرزء، الرزية. وفاقت لغتنا أشهر اللغات بتلك الكثرة الفاحشة للمفردات.. الفاحشة!!
وقد طاب لنا استعمال المفردة “الداهية” لإعطائها للشخص الحكيم أو البعيد النظر. وحتى الماكر والمخادع والمراوغ أطلقنا عليه داهية.
ولا يفتقر الشعراء الشعبيون في المنطقة الوسطى من بلادنا إلى اللين، فعند اختتام الشاعر لقصيدته نسمعه يقول “وسلامتكم”. وهي أيضاً عبارة تقال لمن نجا من حادث أو عارض مرضي
………………………….
سلسلة الغوص في الأعماق في اللهجات والإشتقاق
لكاتبه/ عبدالعزيز الذكير
كاتب صحفي و مترجم معتمد