ليبيا، الدولة الكبيرة الغنية بالنفط، تمر بأزمة مستمرة منذ سنوات، عقب إسقاط زعيمها العقيد القذافي على يد ضربات حلف الناتو الجوية. حيث لم تستطع الأطراف السياسية الإتفاق، ولا تزال تتنازع على الشرعية الى اليوم.
وصراع الوجود والنفوذ المستمر في البلاد، خصوصاً في العاصمة طرابلس، جعلها مرتعاً للجماعات المسلحة الإجرامية ومسرحاً للتدخلات الغربية، وبالتالي فشلاً شمل جميع مناحي الحياة الإقتصادية والإجتماعية.
كل هذه الفوضى ألقت بطموحات الليبيين بإجراء إنتخابات تضمن لهم مستقبلهم، بعد فشلها أواخر العام الماضي، بسبب سياسات الحكومة في طرابلس، في مهب الريح. وشكل قطع النفط وتدهور الأحوال المعيشية السيئة أصلاً، وإنقطاع الكهرباء المتواصل، الشرارة لقيام إحتجاجات شعبية في كافة أنحاء البلاد.
فقد جاءت المظاهرات والتحركات لليوم الرابع على التوالي في الشارع الليبي، رفضاً للعملية السياسية برمتها، واعتراضاً على تعطيل الانتخابات. فمنذ ثلاثة أيام، اقتصرت مظاهر الاحتجاج على خروج مئات الشباب ليلاً في أحيائهم بإقفال بعض الطرق بالإطارات المحروقة وترديد بعض الشعارات المعبرة عن رفض استمرار الأوضاع السياسية والمعيشية المتردية.
يُشار الى أنه في اليوم الأول للمظاهرات السلمية، قامت بعض العناصر التخريبية، بأعمال شغب وحرق وتدمير بعض المقار الحكومية وعلى رأسها مقر مجلس النواب في طبرق. وبالأمس، أكد ديوان مجلس النواب أن من قام بحرق مقر الديوان متظاهرين مدفوعين من قبل جهات مشبوهة لا تمثل طبرق ولا أهلها.
ووفق مصادر أمنية، فإن عمليات سرقة ديوان المجلس والتخريب الذي حصل، إنما تقف خلفه عناصر مدفوعة الثمن من قبل أدوات الولايات المتحدة الأمريكية في البلاد. فخطط واشنطن في إثارة الفوضى وإشعال الفتن، باتت معروفة للجميع وعلنية، والهدف منها إبقاء ليبيا في حالة الضعف والإنقسام، لتبقى مسيطرة على موارد النفط، وبالتالي تحقيق مصالحها وأطماعها.
كما أن معظم المحللين والمعنيين بالشأن الليبي، يؤكدون على أن الأمريكيين هم المسؤولون عن الفقر والفوضى السياسية في ليبيا. فهم يقومون بنهب النفط وموارد النفط، منذ سنوات، وحتى النخبة في طرابلس من رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة وحكومته المعزولة ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، وغيرهم، ممن يتعيشون على الدولارات الأمريكية لقاء خدماتهم، ضاقت بهم الحال، ووصل الأمر بواشنطن أن منعت عنهم حفنات النقود، إثر الأزمة التي تعصف بأمريكا اليوم.
وهذه الأجسام السياسية المقيمة في طرابلس حالياً، قد إنتهت صلاحيتها لدى الشعب الليبي، لأنها كانت ومازالت صنيعة القرارات الدولية الغربية من جنيف وبواسطة الأمريكية ستيفاني ويليامز، ونتيجة لعمل أجندات الولايات المتحدة على مدار السنين، ومنها من يشغل منصبه لسنوات، دون تحقيق أي تقدم يُذكر لصالح أبناء الشعب. ومحاولاتهم لركوب موجة المظاهرات عبر تأييدها ووعودهم بتحقيق مطالب الشعب كاذبة، الهدف منها إطالة فترة بقائهم في سلطاتهم.
لذلك على الشرفاء الليبيين كرئيس مجلس النواب عقيلة صالح وغيره من الذين لطالما عارضوا المخططات الأمريكية ووقفوا في وجه المؤامرات التي تُحاك لليبيا إنتزاع زمام المبادرة وتحقيق مطالب الشعب، وعدم جر البلاد الى إنتخابات مستعجلة تديرها واشنطن، لأن النتيجة ستكون حتميةً بسرقة رأي الشعب الليبي، والتلاعب بالانتخابات لإيصال شخصية تبيع الوطن لأمريكا كما حدث سابقاً في ملتقى الحوار الوطني والذي جاء بنتيجته الدبيبة وممارساته التي أعادت البلاد الى نقطة الصفر من جديد.