في 14 أبريل الماضي، أعلنت وزارة المالية بالحكومة الليبية منتهية الولاية (الوحدة الوطنية)، تحويل المؤسسة الوطنية للنفط 6 مليارات دولار إلى حسابها لدى المصرف المركزي، مخالفة بذلك قرار مجلس النواب، الصادر في الأول من مارس، لرئيس المؤسسة مصطفى صنع الله، بالاحتفاظ بالإيرادات في الحسابات السيادية للمؤسسة في مصرف ليبيا الخارجي، وعدم إحالتها إلى حسابات الإيرادات العامة مؤقتا.
وأفرجت المؤسسة عن الإيرادات المجمدة، بعد إعلان رئيس الحكومة منتهية الولاية، عبد الحميد الدبيبة، عن “خطته” لتطوير القطاع، في ظل غياب المختصين، وعلى رأسهم وزير النفط والغاز في حكومته محمد عون.
وكانت تلك نقطة تحول في النزاع على الشرعية الذي بدأ يدور بين الأطراف الليبية منذ بداية العام، والتي عقبها فرض محتجين وأعيان قبائل وعشائر محتلفة أنحاء البلاد، إغلاق حقول وموانئ نفطية رئيسية وهامة، لتحقيق مطالبهم بتوزيع عادل للثروات النفطية على الليبيين، وغيرها من المطالب التي دعت الدبيبة إلى التنحي عن السلطة.
ولكن تجدر الإشارة هنا إلى محافظ المصرف المركزي الليبي، الصديق الكبير، الذي استلم منصبه منذ 2011، أي بعد سقوط نظام القذافي مباشرة، وبالرغم من مرور عقد على الأزمة، مازال على رأس عمله، مع العلم أن حكومات عديدة توالت على العاصمة، وأخرى استقالت، وحروب اندلعت وتوقفت، وتدخلات خارجية من كل حدب وصوب لم تتوقف، ومازال الكبير يتحكم بثروات الليبيين بشكل مباشر.
ومع تدخل الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة بما يتعلق بصرف عائدات النفط الليبي، يرى مراقبون بأن المحافظ سيحظى بدور كبير في المشهد السياسي قريبًا. حيث أكد مؤخرًا عضو البرلمان الليبي ”علي التكبالي” أن محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير لن يعطي أموالًا لشرق وجنوب ليبيا خشية المليشيات وإن لم تسيطر الحكومة على طرابلس.
متابعآ أنه سيحدث استقطاب وستكون هناك فوضى عارمة في البلاد، نظرًا لأن قرارات مجلس النواب التي لا تعجب المليشيات في الغرب الليبي لن يتم تنفيذها.
كما شدد عضو البرلمان، على أن المليشيات تناصر الكبير وتحميه كما يسانده الغرب في التحكم بأموال الليبيين، ما يشكل عقبة كبرى أمام الحكومة المقبلة.
وشهدت العاصمة التونسية تونس -الجمعة- لقاءً جمع محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير مع السفير الأميركي ريتشارد نورلاند، لمناقشة ما زعموا “القضايا المتعلقة بالإنفاق والشفافية”.
وأطلع الكبير، السفير الأميركي على الخطوات الإيجابية الجديدة لزيادة الشفافية في الإنفاق العام، والتي زعم إن من شأنها تعزيز مساءلة المؤسسات المالية والاقتصادية الليبية.
وبعد لقاء كهذا يتسائل المراقبون، إلى أين يتجه الكبير في سياسته الجديدة، والتي يتعاون فيها مع الإدارة الأمريكية؟ لأنه وبحسب المراقبين، لم يعد أحد يستطيع إنكار أن المحافظ الذي يسيطر على أموال ليبيا من جهة، ويحظى بولاء ميليشيات مسلحة مدعومة تركيًا، وحليف للولايات المتحدة من جهة أخرى، أنه شخصية رئيسية تسطيع تسيير الأزمة في البلاد وصراعات الساسة فيها بالشكل الذي يراه مناسبًا له.