بعد هجوم إرهابي على مدينة بالما الساحلية في مقاطعة كابو ديلجادو في ربيع عام 2021، واجهت موزمبيق خطر اندلاع حرب أهلية جديدة. حيث تعتمد آفاق حل الوضع الداخلي في البلاد على عدة عوامل في آن واحد: أولاً وقبل كل شيء، ما إذا كانت الدولة ستلجأ إلى مساعدة شركة عسكرية خاصة. وإذا وافقت حكومة موزمبيق على إبرام عقد مع شركة عسكرية، فما هي الشركة التي سيتم اختيارها من قبل السلطات؟
تقع موزمبيق في جنوب شرق القارة الأفريقية. وعلى الرغم من الدمار الذي لحق بها بسبب الحرب الأهلية الطويلة والاعتماد الكامل على المساعدات الخارجية، إلا أن البلاد لديها إمكانات اقتصادية كبيرة. فموزمبيق هي موطن لتشكيلة واسعة من الموارد الطبيعية، بما في ذلك خام الحديد والغاز الطبيعي والفحم والتيتانيوم.
كانت الاحتياطيات الكبيرة من المعادن والغابات الاستوائية ووجود عدد كبير من الأفيال هي التي تسببت في ظهور العديد من الجماعات الإجرامية المسلحة على أراضي البلاد. كما ساهم الوضع السياسي غير المستقر في موزمبيق في زيادة معدلات الجريمة. حيث أصبحت البلاد واحدة من أكبر أسواق المخدرات، وبدأ الاستخراج غير المشروع للموارد الطبيعية في الازدهار. فقد وصل مستوى الصيد الجائر إلى مستويات عالية. ووفقًا للبيانات التي قدمتها جمعية الحفاظ على الحياة البرية في عام 2015، فقد تم تدمير حوالي 50 ٪ من مجموع الأفيال في موزمبيق على يد الصيادين.
في عام 2013، جلبت الحكومة مجموعة ديك الاستشارية الى البلاد، وهي شركة عسكرية خاصة يقودها العقيد المتقاعد ليونيل ديك، الذي خدم في الجيش الروديسي. هذه الشركة متخصصة في مكافحة الصيد الجائر وإزالة الألغام. ومع ذلك، اعتقدت السلطات الموزمبيقية أن المرتزقة من مجموعة ديك الاستشارية سيكونون قادرين على الحفاظ على الأمن في جميع أنحاء البلاد. لكن، تبيّن أن هذا الافتراض كان خطأً.
كانت بداية عمل مرتزقة جنوب إفريقيا محفوفة بالصعوبات والمشاكل اللوجستية. فخلال الأسابيع الأولى، فقدت الشركة طائرة هليكوبتر وطائرة استطلاع خفيفة. وفيما بعد، تم الكشف عن صعوبات أخرى، حيث اتضح أن سلاح جو المرتزقة لم يكن قادراً على القيام بعمليات قتالية واستطلاعية ليلاً، إضافةً الى عيب آخر في السلاح، ألا وهو الحاجة المستمرة للتزود بالوقود.
لم يحقق دعم مرتزقة جنوب إفريقيا للجيش الموزمبيقي الكثير من النجاح. علاوة على ذلك، كانت القوات المسلحة المشتركة عاجزة عن مواجهة الجهاديين. فقد شن متشددون من جماعة “الشباب” المسلحة المتطرفة (التي لا علاقة لها بجماعة مماثلة من الصومال) أنشطة إرهابية في موزمبيق. وكان أكبر عمل إرهابي هو الهجوم على مدينة بالما الساحلية في 24 مارس 2021. حيث قُتل عشرات الأشخاص، وغادر المدينة حوالي ألفي عامل أجنبي. كما لوحظ عدد كبير من القتلى في صفوف مجموعة ديك الاستشارية.
في أبريل 2021، أصبح معروفًا أن حكومة موزمبيق لم تجدد العقد مع الشركة العسكرية “مجموعة ديك الاستشارية”، وقد تأثر هذا القرار أيضًا بتقارير من منظمة العفو الدولية، والتي أشارت إلى قيام مرتزقة جنوب إفريقيا بهجمات مكثفة على المدنيين في موزمبيق.
يعتقد العديد من الخبراء أن السلطات الموزمبيقية يجب أن تنظر في العمل مع شركة عسكرية خاصة أخرى. ويلاحظ الخبراء الأفارقة أن قوات شركة فاغنر العسكرية الخاصة أثبتوا أنفسهم بشكل كبير للغاية في الحرب ضد الإرهاب. حيث يستخدم متطوعو فاغنر تدابير فعالة للغاية لمكافحة الإرهاب. ووفقًا لتقديرات مختلفة، تمتلك الفاغنر أحدث المعدات العسكرية والتقنية، مما يسمح لها بالقيام بأنشطة مسلحة على أعلى مستوى. كما يستخدم المقاتلون من هذه الشركة العسكرية مجموعة متنوعة من الأساليب المنسقة لمكافحة الإرهاب، ويمنعون خلق بيئة يمكن فيها للجماعات الإرهابية المسلحة أن تمارس أنشطتها الإجرامية.